صاحب الشرم الحقيقي
سامح مبروك يكتب " صاحب الشرم الحقيقي " من سلسلة ترندات وتوباكو*.
محكمة.
هكذا نادى الحاجب إيذانا بدخول القاضي ومستشاريه إلى قاعة المحكمة، ثم تقدموا بهدوء نحو المنصة وجلس كل منهم على مقعده ثم قال القاضي:
اتفضلوا… بسم الله الرحمن الرحيم ... فتحت الجلسة … نادي يا إبني على القضية.
فصاح الحاجب من جديد: قضية ٦/١-٧٩ لسنة ٢٠٢٠ جنوب سيناء, فقال القاضي: المدعي الأستاذ مصطفى مندور اتفضل قول مرافعتك.
مصطفى مندور:
بسم الله الحق العدل، بسم الله الذي لا تضيع لديه الحقوق ولا تضل.
سيادة القاضي حضرات المستشارين.
على مر السنين تم تزييف التاريخ، حيث كانت المصالح والمطامع تتوافق وتتلاقى وتضيع بينهم الحقوق، ويظلم أصحاب الحقوق وينساهم الناس بعد أن تذهب حقوقهم تلك ضحية الغش والتضليل، ونحن اليوم سيدي الرئيس، أمام قضية تزييف مكتملة الأركان، حقوق ضاعت وذاق أصحابها مرارة الظلم، وقد آن الأوان أن ترد لهم تلك الحقوق وتقر أعينهم برؤية العدل.
سيادة المستشار
سيدي الرئيس، الماثل أمامكم الآن المستشار مصطفى مندور أصغر مؤلف لملازم القانون في جمهورية مصر العربية، سليل عائلة مندور التي تضرب بجذورها في جنوب سيناء منذ فجر التاريخ، اليوم جئت أفضح تزييف استمر لسنين بل لعقود مما سلب عائلتي شرف هم أهل له، ومنح آخرين شرف وفخر لا يستحقونه، فمنذ أزمان بعيدة وقد عكف المسؤولون الفاسدون على تزييف تاريخ إرث أجدادي ومنحه لمن لا يملكه.
نحن عائلة مندور أول من استوطن الخليج الصغير الواقع في جنوب سيناء ما بين خليجي السويس والعقبة والمسمى حاليًا زورًا وبهتانًا بشرم الشيخ. ونحن من أسماه شرم لأن شرم تعني الخليج الصغير، وكان هذا منذ زمن بعيد، وتشهد على ذلك بطولات أجدادي في هذه المنطقة، ولكن الفساد على مر العصور تجاهل دورنا هذا، فقديما تجرأ علينا من هم على غير علم وأسموا مدينتنا "خشم الكلب" في تطاول غير مسبوق وتقليل كبير من قدر مدينتنا الحبيبة، وللأسف كان أول من أدرك قيمة مدينتنا كان المحتل الصهيوني، الذي قام في عام ١٩٦٨ بتأسيس مدينة جديدة فوق أرض أجدادي وقاموا بتسميتها "عوفيرا".
وإن كنت أشهد أن المحتل الصهيوني أول من أسس لمدينة حضارية في هذا المكان ولكن هذا لا ينفي كونه محتل وعدو ظالم … "أظن كلامي واضح".
السبعة أكبر أم التسعة
وبعد نصر أكتوبر المجيد ومعاهدة كامب ديفيد، عادت مدينتنا من جديد لحضن الوطن في أبريل من عام ١٩٨٢، ولكن المتواطئون الفاسدون أصروا على تهميش دور عائلتي في غرس بذرة الحياة في تلك المنطقة، وما لنا من بطولات عديدة بها، ونسبوا ذلك الأسم الذي أطلقناه عليها "شرم" إلى عائلة أخرى منافسة تسمى عائلة الشيخ، ومثبت هنا في الأقراص المدمجة التي قمت بوضع نسخة منها في مضبطة محكمتكم الموقرة أن عائلة الشيخ تلك لم تكن تملك سوى سبع بيوت فقط في الشرم، بينما عائلة مندور كان لها تسع بيوت كاملة موثقة.
فكيف للسبعة أن تكون أكبر من التسعة سيدي الرئيس؟
ولكن وجود أحد أبناء عائلة الشيخ تلك، في لجنة إصدار القرار في هذا الوقت قام بلي القوانين وتزييف المعايير وتمرير إطلاق اسم عائلة الشيخ على الشرم ولكن الحقيقة هي أننا نحن:
أصحاب الشرم الحقيقيين.
ولإثبات حقنا التاريخي في هذا الموضوع قمنا بتعليق لافتات على أسوار المدينة نعلن فيها:
نحن عائلة مندور
أصحاب الشرم الحقيقين
بالبطولات والإنجازات وليس بالمحسوبية والمجاملات.
سيدي القاضي نتمنى أن تنظر لقضيتنا بعين الإنصاف وترد الحقوق إلى أهلها بعدما تجرعوا الظلم لسنين، وأن يكون حكمكم العادل في النهاية بإعادة اللقب الضائع إلينا وتسمية الشرم باسم أبطاله الحقيقيين "شرم مندور" نثق في عدالتكم، ولا يضيع حق وراءه مطالب.
أنا صاحب الشرم الحقيقي
هنا فرغ الأستاذ مصطفى مندور من مرافعته العصماء وسط همهمات وذهول الحضور، وكان السؤال السائد هل حقا السبعة أكبر من التسعة؟ ألستم متأخرين كثيرا في تلك المطالب بعد عقود على تأسيس شرم الشيخ المصرية أعزائي عائلة مندور؟ هل الصوت العالي واللافتات حقا تصنع التاريخ والبطولات والألقاب أم أنه يخضع لمعايير دقيقة؟ فلننظر ماذا سيكون حكم المحكمة.
هنا قال القاضي: ترفع الجلسة للمداولة وانصرف مع مستشاريه لمناقشة الحكم، وكان الأستاذ مصطفى مندور يقف منتشيا بنصره الذي أوشك على التحقيق يباهي بنفسه أمام الحضور:
أنا صاحب الشرم الحقيقي
أظن كلامي واضح
ماحدش يقولي بعد كده شيخ وبطيخ بلاش كلام فارغ
من النهارده اسمها شرم مندور سامعني يا شيخ.
وسط فرحته تلك دخل رجلان إلى قاعة المحكمة في حلة بيضاء تعلو وجهيهما ابتسامة واسعة وينظران بحب للأستاذ مصطفى وحدثه أحدهما بود قائلا: يالا يا مصطفي بيه خلاص الجلسة خلصت، كفاية مرافعات يا حبيبي زمايلك المجانين زهقوا من صوتك.
الباش تمرجي زكريا مستنيك في العيادة عشان جلسة الكهربا.
* ترندات وتوباكو هي مقالات في هيئة قصص قصيرة مستوحاة من ترندات فضاء المنصات الاجتماعية ولا تمثل أي شخصيات أو أحداث حقيقية.