top of page

لا كاسا دي وائل

لا كاسا دي وائل.jpg

سامح مبروك يكتب " لا كاسا دي وائل " من سلسلة مقالات ترندات وتوباكو*.

 

البروفسير سيد

تسربت بضعة كلمات تحمل نبرة حادة إلى أذن "سيد" الذي كان يغط في نوبة نوم عميقة، كان يتعافى بها من سهرة الأمس التي استنزفت قواه فضلًا عن أمواله بالكامل، أو بالأحرى تلك النقود التي يأخذها عنوة من زوجته التي أرغمتها ظروف الحياة وقلة حيلة زوجها "سيد" إلى العمل في البيوت لتوفير قوت بيتها.

 

قطع سيد حبل أحلامه الجميلة التي تذخر بالأموال الطائلة والسيارات الفارهة والسيدات الكثيرات، نعم لم يكن سيد ليهتم بمستوى الجمال، كان أكثر ما يعنيه الوفرة، قام متثاقلًا من سريره متجهًا إلى الصالة ليرى ماذا أعدت له زوجته من طعام يعينه على قضاء يومًا جديدًا بل ليلة جديدة، ولما فتح باب غرفته المطلة على الصالة وجد زوجته منفعلة وتتكلم بحدة مع إحدى صديقاتها عبر الهاتف وتغلظ الأيمان أنها لن تذهب لسيدة ما مرة أخرى.

 

فلما فرغت من مكالمتها توجه لها بالحديث:

  • مالك يا وليه، عالمه ازعرينا عالصبح ليه؟

  • صبح؟ صبح إيه يا أبو صبح؟ دي العشا ادنت يا مدهول، ما هو أنا لو متجوزة راجل زي بقية  الرجالة ماكنش ربنا حوجني للمرمطة وقلة القيمة والهم دا، إنما اعمل إيه في حظي الأسود، متجوزه دكر بط، لا بيهش ولا ينش، عمال يحش ويعض وخلاص، اسم الله عليك يا خويا، ما خدناش منك غير الزعيق والقنعرة الكدابة، قال إيه البروفسير راح البروفسير جه، روح يا شيخ إلهي تتوكس.

  • جرى إيه يا وليه يا امو لسان زي المبرد انتي؟ ما تتلمي عالمسا بدل ما المك.

مركز الدكتور وائل 

ولما وجدها استكانت في أحد المقاعد وسلمت رأسها ليديها وستبدأ في نوبة جديدة من البكاء والنحيب الذي قد يمتد لساعات، وكان يعلم أنها تريد أن تبوح بما في صدرها ولكنها تنتظر إلحاحه كي تفتح خزينة أسرارها، فاقترب منها واحتضنها بهدوء وسألها.

 

  • مالك بس يا جميل زعلان ليه؟ احنا نقدر نعيش وانت زعلان كده؟

  • غور كده وابعد عني، أنا مش ناقصة كفاية اللي حصلي النهاردة بسببك.

  • إيه بس اللي حصلك يا بكبوظة قلبي انتي؟

  • الست الزفته اللي اسمها شهيطاز دي اللي بروح انظف شقتها، لطعتني في الشقة اربع ساعات، قافله عليا من بره، ولما رجعت ادتني ٢٠٠ جنيه عمي، ومارضيتش تزود ولا مليم، بتشيل شعرها عند الدكتور ب ١٢ الف جنيه ومش هاين عليها تعوضني عن التأخير والعطلة، منها لله، حسبي الله ونعم الوكيل.

  • شعر ايه اللي تشيله يا وليه؟ وب ١٢ الف جنيه؟ ليه هي هتقرع ولا إيه؟

  • يا اخويا اتلهي انت كمان، ما أنت لا بتفهم ولا بتحس، دا اللي همك، بتشيل يا اخويا شعر دراعاتها بالليزر عن الدكتور اللي فتح جديد جنبهم.

  • هار اسوح ١٢ الف جنيه عشان شعر دراعاتها؟ 

  • أه يا اخويا ومستخسرة فيا ١٠٠ حنيه زيادة، منها لله.

 

هنا انتبه لها سيد بكل حواسه وأخذ يسألها عن كافة تفاصيل عملية التجميل تلك ومكانها وتكلفتها وكل شيء قد تكون عرفته من السيدة صاحبة المنزل، ولما عرف منها كل شيء تركها ونحيبها وذهب إلى الحمام ليقضي حاجته وليفكر.

 

سندوب وبهتيم

بعد ساعة كان البروفيسور سيد على المقهى يجتمع بأصدقائه المقربين بعد أن دعاهم لجلسة عمل هامة لا تحتمل التأخير ولما التأم الجمع وهدأت المقهى، كان أصدقائه يستمعون إليه باهتمام دون أن يقاطعونه فبادرهم بالحديث:

  • بصوا يا رجالة، احنا عندنا طالعة هتنقلنا نقلة تانية، طالعة من اللي بتحصل مرة في العمر، أنا وقعت على عيادة أو مركز تجميل من الحاجات الهاي قوي، اللي الواحدة من دول بتدخله سنيه العامشة عبد المنعم تطلع نانسي عجرم، وأقل واحده بتدفعلها ١٠ تلاف جنيه في الدخله للعيادة دي، الوليه اللي مراتي بتشتغل معاها راحت النهاردة هناك واتأخرت أربع ساعات عشان قدمها ٥ ستات تانيين وكعت ١٢ الف جنيه، يعني لو العيادة دي بيدخلها ٥٠ واحده في اليوم بالميت آخر اليوم هيكون فيه نص مليون جنيه. العيادة دي اسمها مركز الدكتور وائل عيسى للتجميل.

 

هنا وجه كلامه لأحد الجالسين: "سندوب" انت هتراقب العيادة دي بكره وبعده، وتشوف الدكتور وائل دا بيروح إمتى وبيخرج إمتى؟ والممرضات كمان ونجتمع هنا تالت يوم ونتفق على الميعاد والخطة.

 

تهلل وجه الجالسين فرحًا لما سمعوا الغنيمة المرجوة، وبعد جلستهم المعتادة تفرقوا على وعد بلقاء جديد للتخطيط للعملية.

العملية لا كاسا دي وائل

وبعد يومين اجتمعوا على ذات الطاولة من جديد وتكلم السيد:

  • إحنا دلوقتي عرفنا مواعيد العيادة، الممرضات بتنزل الساعة ٢ بالليل وبعدهم بنص ساعه بينزل الدكتور وواحده غالبا دي الكاشير، وبينزلوا بشنط خفيفة صعب يكونوا بيحطوا فيها الفلوس. إحنا بكرة الساعه اتنين وخمسة بالليل بعد ما الممرضات تمشي هنهجم عالعيادة،  أنا وبهتيم هناخد المقروطة والفرد ونطلع يكون الدكتور والست لوحدهم، وهلبس ماسكات زي بتاعت لا كاسا دي بابل، نقلبهم ونكتفهم فوق وناخد إيراد اليوم وننزل ويكون سندوب مستني في عربيته تحت، ناخدها ونكت.

 

صاح سندوب: الله عليك وعلى خططك يا بروفسير يا عالمي، وهنسمي العملية دي لا كاسا دي وائل.

بينما قال بهتيم: بس مش حرام يا بروف ناخد فلوس العلاج بتاعت ناس عيانه. 

فنظر سيد إليه شذرًا وقال: والله يا بهتيم انت اكتر واحد لايق عليك اسمك بس بصراحة التاء اللي في النص دي زيادة.

نظر له بهتيم وعلى وجهه ابتسامة بلهاء توحي أنه لم يفهم المقصود من كلام سيد، وقد كان سيد يحب تسمية أصدقائه نسبة إلى مدنهم الأصلية ومن هنا أتت تسمية بهتيم وسندوب.

فجر يوم العملية

وفي الوقت المحدد انطلق سيد وبهتيم على السلم المؤدي إلى الطابق الثالث في إحدى العمارات الإدارية الجديدة الفاخرة الخالية تمامًا من السكان، وقرعا باب العيادة المنشودة، وابتعدا عن مرمى العين السحرية، ولما فتحت السيدة الباب لترى من بالخارج لعلها أحد زملائها قد نسي شيئًا من أغراضه، اقتحما العيادة بالقوة وأغلقا من ورائهما الباب، وهددا السيدة إن صرخت سيقتلونها على الفور، وأخذا منها الهاتف ولما خرج الدكتور وائل من مكتبه بادراه بالمثل.

 

والآن أتت اللحظة المنشودة، الدكتور وائل ومساعدته مقيدان أرضًا يرتعدان وفوهات المسدسات موجهة إلى أجسادهما والسيد فوق رأسهما يسأل: فين الفلوس؟

فأجابه وائل بخوف: فلوس ايه يا أخينا استهدى بالله وما توديش نفسك في داهية وهديك اللي انت عايزه.

فانفعل سيد: داهية إيه؟ الداهية دي اللي هتروحها لو فرغت فيك المقروطة دي، أنا عايز الفلوس اللي في العيادة.

فقال وائل: أنا معايا ٥٠٠ جنيه جوا في المحفظة دي كل الفكة اللي معايا خدهم.

فصعد سيد من نبرته وتهديده: ٥٠٠ ايه يا روح امك، أنا عايز إيراد العيادة، الفلوس اللي انت بتهلبها من الناس طول اليوم.

هنا أجابت السيدة: إيراد إيه يا أخينا؟ الدفع عندنا فيزا بس، حسابات العيادة مميكنة بالكامل.

فاندهش بهتيم وقال بانفعال: فين الفلوس يا بروفسير؟ إيه الميكنة دي؟

* ترندات وتوباكو هي مقالات في هيئة قصص قصيرة مستوحاة من ترندات فضاء المنصات الاجتماعية ولا تمثل أي شخصيات أو أحداث حقيقية.

  • White LinkedIn Icon
  • White Facebook Icon
  • White Twitter Icon
  • White Instagram Icon
logo%20samih%20mabrok2.png
bottom of page